تونس .. هل تلجأ لإعادة تنفيذ عقوبة الإعدام لتحقيق الردع بعد انتشار الجرائم ضد النساء

أزمة جديدة تشهدها تونس في الآونة الأخيرة بسبب زيادة جرائم القتل المروعة التي راحت ضحيتها نساء ، ما أعاد الأذهان لجرائم العنف بحق المرأة وخاصة مسالة تنفيذ أحكام الإعدام بحق القتلة.


وقد تصاعد الحديث عن ملف تنفيذ عقوبة الإعدام على خلفية مقتل الشابة رحمة لحمر تبلغ من العمر 29 حيث تم اختطافها من قبل شاب لم يتجاوز العشرين قبل ان يسرقها ويغتصبها ثم يقتلها بكل وحشية ويرمي جثتها في الطريق العام بالعاصمة.

وتزامنت تلك الجريمة مع جريمة أخرى تعرضت لها "خياطة" في متجرها تدعى هيفاء تم قتلها بعشرات الطعنات ليتم القبض على قالتها التي اعترفت بكل ما نسب اليها وان غابتها كانت السرقة.

وأثارت الجرائم غضبا عارما في تونس وصلت الى حد تنظيم مسيرات في عدد من الولايات وأمام مقر رئاسة الجمهورية مطالبين رئاسة الدولة بتفعيل احكام الاعدام في البلاد بعد سنوات من مسيرات مماثلة طالب الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي بتنفيذ العقوبة بحق قاتل طفل صغير تعرض بدوره للاغتصاب.

وقد عرفت تونس في تاريخها بعد الاستقلال حوالي 135 حالة إعدام، منها 129 وقع تنفيذها في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي استعمل بورقيبة حق العفو في حالتين اثنين.

وكان آخر تنفيذ لحكم الإعدام في تونس سنة 1991 في حق "ناصر الدامرجي" او ما عرف بسفاح نابل، الذي اعترف بقتل 14 طفلا، إثر الاعتداء عليهم جنسيا بالفاحشة.

ومنذ إعدام سفاح نابل توقف تطبيق الإعدام رغم صدور مئات الأحكام القضائية بحق القتلة والسفاحين حيث يقبع المحكوم في السجن دون ان يتمتع بالزيارة لكن بعد الثورة قررت وزارة العدل رفع حظر الزيارات عن المساجين المحكوم عليهم بالإعدام.

كما تم تمكين المحكومين من حق زيارتهم من قبل أقاربهم المخول لهم قانونًا اضافة تمكينهم من حق تلقي المؤونة منهم مرة كل شهر وهو مالم يكن متاحا في السابق.

لكن مع تعدد جرائم القتل انطلقت حملات على صفحات التواصل الاجتماعي الفايسبوك تطالب بتطبيق أحكام إعدام المتورطين في قضايا القتل وتغيير التشريعات على هذا الأساس لكن مراقبين يرون ان ذلك صعبا نظرا لكون البلاد صادقت على توصية من الأمم المتحدة في 2015 بتقليص حالات الإعدام قبل المضي في تعليق العقوبة وإعادة التشريع في هذا المجال.

من جانبها رفضت منظمات حقوقية محلية ودولية تنفيذ عقوبة الإعدام كونها لا تؤدي الى تراجع جرائم القتل حيث دعت منظمة العفو الدولية، الدولة التونسية إلى عدم تطبيق حكم الإعدام ومواصلة تطبيق التزامها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرار إيقاف التنفيذ في اتجاه الإلغاء التام لعقوبة الإعدام.

وقالت المنظمة وفق البيان انه "انه على إثر الحملات المتكررة على وسائل التواصل الاجتماعي و التي تدعو السلطات لتطبيق عقوبة الإعدام بالدولة التونسية على أنها وسيلة لردع الناس عن ارتكاب الجرائم، أكدت منظمة العفو الدولية على رفضها لعقوبة الإعدام باعتبارها انتهاكاً لحقوق الإنسان، وعلى وجه الخصوص الحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة".

واكد البيان انه " أنه تم دحض هذا الادعاء مرراً وتكراراً، وأنه ليس هناك أي دليل على أن عقوبة الإعدام أشد ردعاً في الحد من الجريمة أكثر من السجن مدى الحياة".

بدورها قالت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ان "عقوبة الإعدام لا تردع ولا تحدّ من تفشّي الجريمة" مشيرة انها ملتزمة بالنّضال ضدّ العنف عامّة والنّضال ضدّ العنف المسلّط على النّساء باعتباره انتهاكا لكرامتهن ومن أسباب موتهنّ.

واصرت الرابطة على مواصلة التزامها بإلغاء عقوبة الإعدام كونهاعقوبة "لا تحدّ من انتشار الجريمة، بل ما يحدّ منها هو التزام الدّولة بضمان الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة لجميع فئات الشّعب.