"بوتن" يتغلب على "ترامب" في الشرق الأوسط

يبدوا أن "بوتن" يلعب دور الزعامة بجدارة في منطقة الشرق الأوسط ويظهر ذلك بوضوح خلال زياراته الأخيرة لعدد من الدول في المنطقة وهي سوريا ومصر وتركيا، حيث اجتمع مع الرؤساء وأبرم صفقة للطاقة واتبع جميع البروتوكولات التي تدل على أنه رجل دولة يتمتع بنفوذ دولي قوي. فبينما يصر "ترامب" على ان يكون سبب غضب شعوب المنطقة تجد "بوتن" يظهر بدور الشريك الجدير بالثقة.


في القاهرة، أعلن بوتن عن إعادة عمل الرحلات الجوية التجارية بين روسيا والقاهرة لأول مرة بعد حادث تفجير الطائرة في 2015. كما تناولت المناقشات بين "بوتن" والسيسي توقيع اتفاقية بشأن إنشاء مفاعل للطاقة النووية يقدر ب 30 مليار دولار بالإضافة إلى اتفاقية أخرى محتملة بين البلدين بشأن استعمال قوات الطيران الروسية قواعد جوية مصرية.

وفي أنقرة، قابل "بوتن" الرئيس التركي "رجب أردوغان" للمرة الثامنة على التوالي هذا العام مما يدل على تحسن العلاقات بين البلدين بعد عام من مقتل السفير الروسي في تركيا وعامين منذ أن قامت القوات التركية بضرب طائرة حربية روسية. يبدوا أن "أردوغان" وحلفاؤه بدأوا في تقبل فكرة أن روسيا تغلبت عليهم في سوريا وأصبحت خلافاتهم مع واشنطن تستحوذ على الاهتمام الأكبر. 

ولكن ماذا عن سوريا؟ في أول زيارة له بعد أن أعلنت روسيا تدخلها العسكري هناك قابل الرئيس السوري "بشار الأسد" وأعلن فوزه على داعش وانسحاب القوات الروسية من سوريا. صرح "بوتن" في خطابه الذي القاه في احدى القواعد الجوية في سوريا قائلا " خلال عامين استطاعت القوات العسكرية الروسية بالتعاون مع الجيش السوري هزيمة أقوي مجموعة إرهابية دولية لذا لقد اتخذت قرار بانسحاب جزء كبير من القوات العسكرية الروسية وعودتهم لوطنهم روسيا."

فعلى الرغم من مقتل أعداد كبيرة من المدنيين بسبب غارات روسيا الجوية على سوريا خلال عامين إلا أن الفرصة حانت لروسيا للتفاخر بشأن فوزها على دولة داعش هناك.
وفي ظل تراجع الولايات المتحدة عن دورها المعتاد في الشرق الأوسط حرصت روسيا على التوسع هناك ومحاربة الإرهابيين الإسلاميين بالنيابة عن بقية الدول الغربية.

بدأ الامر منذ عهد أوباما عندما أهمل قضايا الشرق الأوسط خلال الربيع العربي مما منح لروسيا تلك الفرص وحاليا يساهم "|ترامب" أيضا في تراجع الدور الدولي للولايات المتحدة في صالح روسيا. فـ "ترامب" لا يظهر أي اهتمام بسوريا وحريص فقط على انهاء ما بدأه اوباما هناك كما أدى قراره بشان القدس إلى ضعف موقفه في المنطقة فقد علق "بوتن" على قرار "ترامب" قائلا أن هذا القرار لن يؤدي إلى استقرار المنطقة بل سيزيد من توتر الوضع هنا.

وقد اجري أحد مراكز الأبحاث الدولية استطلاع للراي في عدد من دول الشرق الأوسط وتبين أن 64 بالمائة يعتقدون ان لروسيا دور أكثر تأثيرا في شؤون الشرق الأوسط مقارنة بدورها منذ عشر سنوات. ورأى أغلب المشاركين أن تأثير روسيا له أهمية كبيرة لخلق نوع من توازن القوى في المنطقة. أما عن "ترامب" فأغلب قراراته، ومنها قرار اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، تؤدي إلى خسارة الولايات المتحدة لدورها الفعال في المنطقة وبالتالي تمهد الطريق امام روسيا لاتخذا دور الزعامة الدولية في الشرق الأوسط.

وتشير آراء المحليين ان روسيا لا ترغب في الدخول في حرب باردة أخرى ولكن ما تهدف إليه هو زيادة نفوذها في الشرق الأوسط ولعب دور القوة العظمى. لذا تبرم صفقات لتصدير الأسلحة والطاقة النووية للدول في المنطقة ومنها مصر.