"هدنة طويلة الأمد".. فخّ تنصبه "إسرائيل" لمسيرات العودة

"هدنة طويلة الأمد".. فخّ تنصبه "إسرائيل" لمسيرات العودة
"هدنة طويلة الأمد".. فخّ تنصبه "إسرائيل" لمسيرات العودة

على ضوء التطورات الميدانية الملتهبة والمتصاعدة على حدود قطاع غزة، بدأت "إسرائيل" سلك طرق ملتوية تبحث من خلالها عن حلول "سياسية" يمكن أن توقف حالة الغضب الشعبي المتواصلة.


فالنتائج التي حققتها "مسيرات العودة" الكبرى المستمرة منذ 30 مارس الماضي، إلى جانب فشل الاحتلال في تدارك الرسائل القوية التي تحملها، أجبرا "إسرائيل" على فتح أبواب كانت حركة "حماس" قد أقفلتها عند رفضها "المقايضة" على حقوق الشعب.

الحديث عن "هدنة طويلة الأمد" بغزة عاد من جديد يُطرح في الساحة الفلسطينية من قبل الجانب الإسرائيلي، في محاولة لتغيير قواعد اللعبة، الأمر الذي فتح باب التساؤل حول أهمية التوقيت ومدى تأثيره على مسيرة العودة وقطاع غزة المحاصر.

- مقايضة مرفوضة
المتحدث الرسمي باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عبد اللطيف القانوع، أكد أن "الاحتلال حاول حرف الأنظار (عن مسيرة العودة) من خلال بث مثل تلك التقارير المتعلقة بمصير قطاع غزة والهدنة الطويلة".

وفي تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، قال القانوع: "جهد حماس الآن مع كل مكونات شعبنا ينصب حول مسيرات العودة وتحقيق أهدافها، والاحتلال يحاول حرف الأنظار وبوصلة شعبنا بهكذا إشاعات".

وأضاف: "نحن في تهدئة مع الاحتلال برعاية مصرية، رغم الخروقات والقتل الذي يمارسه وعدم إيفائه باستحقاقات التهدئة (التي أُبرمت في أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزة صيف 2014)".

وتأتي تصريحات متحدث "حماس" رداً على تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية، زعمت فيه أن الحركة الفلسطينية تحاول فتح قنوات دبلوماسية عديدة مع "إسرائيل" خلال الشهور القليلة الماضية؛ بهدف التوصل إلى "هدنة طويلة الأمد".

وادّعت الصحيفة الإسرائيلية أن هذه "الهدنة" يقابلها تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة "بشكل كبير جداً"، فضلاً عن اقتراحات حول تبادل أسرى ورفات جثث جنود أسرى لدى "حماس".

ووفق "هآرتس"، فإن "رسالة حماس تتضمن إقامة مشاريع اقتصادية ضخمة وتحسين البنية التحتية"، مشيرة إلى أن هذه الرسالة لم تلقَ حتى الآن أي رد إسرائيلي واضح.

وفي هذا السياق قال القيادي في "حماس" والنائب في المجلس التشريعي، يحيى موسى: إن "الاحتلال بدأ حالة تخبط كبيرة"، مؤكداً أن "إعادة "إسرائيل" طرح تلك الأفكار التي ترفضها الحركة قطعاً يؤكد أنها في مأزق كبير تفتقر فيه للتعامل مع التطورات الراهنة".

وفي تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، شدد موسى على أن هذا الباب لن يفتح مجدداً مع الاحتلال، مشيراً إلى أن "موقف الحركة واضح تماماً بعدم مقايضة الحقوق والثوابت الفلسطينية بقرار إسرائيلي يتعلق برفع الحصار أو التخفيف من وطأته".

وأضاف: "المقاومة والتحرك الشعبي على حدود قطاع غزة ستكون لهما الكلمة القوية، والحديث عن هدنة ما هو إلا مكيدة إسرائيلية لخلط الأوراق وتغيير قواعد اللعبة التي تصب الآن في مصلحة الفلسطينيين وكشفت جرائم هذا المحتل".

ولفت إلى أن مسيرة العودة لن توقفها مثل تلك "الإشاعات" التي تخرج من قبل الاحتلال، ومشدداً على أن "حماس تدعم هذا التحرك الشعبي، ولن توقفه حتى تحقيق كل المطالب التي ثار الشعب على الحدود (في غزة) من أجلها".

وذكر القيادي في "حماس" أنه رغم الحصار المشدد المفروض على القطاع للعام الـ11 توالياً، والصمت العربي والدولي عمَّا يجري من مجازر بغزة، فإن غاية الاحتلال بالهدنة لن تتحقق إلا بتلبية كل مطالب الفلسطينيين بغزة.

ويعتمد أكثر من نصف سكان غزة على المساعدات الدولية، كما أنّ 43.6 بالمئة من العمالة عاطلون، وهو أعلى معدل للبطالة في العالم، وتدهورت مرافق الخدمات الأساسية مثل تنقية المياه والكهرباء؛ نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة.

وتحظر "إسرائيل"، التي خاضت ثلاث حروب على غزة خلال العقد الذي أدارت فيه "حماس" القطاع، دخول السلع والبضائع؛ ما يجعل أعمال إعادة الإعمار صعبة ومكلفة.

-الأسباب الخفية
الخبير في الشأن "الإسرائيلي"، مؤمن مقداد، تحدث عن أسباب خفية ورئيسية دفعت الاحتلال إلى إعادة طرح ملف "هدنة غزة" من جديد على الساحة، رغم أنه قد أغلق بشكل نهائي من قبل الحركة.

وقال مقداد، في تصريحات لـ"الخليج أونلاين": إن "السبب الأول الذي دفع إلى طرح هذه الخطة يتمثل في الأزمة الراهنة بين الاحتلال مع سوريا وإيران التي تتصاعد بشكل غير مسبوق".

ورأى أن "إعادة طرح هذه القضية (الهدنة طويلة الأمد) هو مجرد مصلحة إسرائيلية، حتى تتفرغ لأخطار أخرى تحيط بها (في إشارة إلى التهديد الإيراني)".

وعن السبب الثاني، أضاف مقداد أنه يتعلق بـ"فشل كل الضغوطات التي فرضت على حماس خلال السنوات الماضية، وكذلك فشل الحصار على القطاع في تحقيق أهدافه".

وبحسب مقداد، فإن السبب الثالث يتمثل في "تعرض إسرائيل لضغوط قوية من عائلات الجنود الأسرى لدى المقاومة بغزة"، وفشل كل الجهود مع "حماس" في إبرام صفقة تبادل.

وأضاف الخبير في الشأن الإسرائيلي: "فشل الاحتلال في السيطرة على مسيرة العودة والتعامل مع نتائجها سبب إرباكاً كبيراً له، في ظل محاولته إخمادها بعد أن سببت له إحراجاً كبيراً أمام المجتمع الدولي، وفضحت حصاره الحاد ضد غزة".

وبسؤال "الخليج أونلاين" حول إمكانية استجابة "حماس" لهذا الطرح وشروطها، قال مقداد: "لا شك أن الهدنة فرصة لحماس لا تعوض، وتعتبر باباً جديداً يفتح لها"، مستدركاً: "حماس لن تقبل الذهاب إلى تهدئة فيها مقايضة على السلاح أو الحقوق".

وتابع: "حماس لا تريد أن تظهر أن مسيرات العودة كان هدفها فقط رفع الحصار، بل ستحافظ على المطلب الرئيسي وهو حق العودة؛ لذلك ستحاول العمل على موقف متزن بما لا يقلل من شأن مواقفها بموازاة قبول الهدنة".

ولم يستبعد وجود جهود تبذلها مصر من أجل إقناع "حماس" بالأمر، مؤكداً أن جهود القاهرة تصب في مصلحتها لتأمين الجبهة الشمالية من صحراء سيناء.