وسط تحذيرات من "تعقد الوساطة".. مساع لتمديد "هدنة غزة" مجددا

بعودة العدوان الإسرائيلي في غزة إلى وتيرة أشد مما كان في السابق قبل أيام، إذ هدنة التقط فيها الفلسطينيون الأنفاس، تبذل الدول الوسيطة المساعي لبلوغ وقف دائم لإطلاق النار، وسط تحذيرات من أن تجدد وتيرة الأعمال القتالية في القطاع من شأنه تعقيد الوساطة وتفاقم الأزمة الإنسانية.


أكد محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس الوزراء القطري، ضرورة وقف إطلاق النار في غزة، خلال اتصال هاتفي أجراه مع أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، أمس الأحد، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء القطرية.

وأكد المسؤول القطري التزام بلاده إلى جانب الدول المشاركة في الوساطة، بالجهود المستمرة الرامية إلى استعادة الهدوء في المنطقة.

والشهر الماضي توسطت كل من مصر وقطر والولايات المتحدة في اتفاق بين إسرائيل وحماس، يقضي بإطلاق سراح رعايا أجانب لدول غربية عدة، ومدنيين فلسطينيين مصابين بجروح خطيرة من غزة إلى مصر.

وحذر "بن جاسم" من أن تجدد أعمال القصف في قطاع غزة بعد الفشل في تجديد الهدنة الإنسانية، من شأنه أن يعقد مساعي الوساطة ويزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية.

ونقل بدوره إدانة بلاده لجميع أشكال استهداف المدنيين، خاصة النساء والأطفال، مؤكدًا أن مثل هذه الأفعال، بما في ذلك سياسة العقاب الجماعي، غير مقبولة تحت أي ظرف من الظروف.

وأكد المسؤول الحاجة المُلحة لفتح الممرات الإنسانية، لضمان المرور الآمن لمساعدات الإغاثة والمساعدات للفلسطينيين المتضررين من الصراع المستمر.

وتقول إسرائيل إن المفاوضات انتهت مع حماس بعد أن وصلت إلى "طريق مسدود" واستدعت فريق مفاوضيها من قطر، قبل يومين، بحسب بيان أورده مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وجاء في البيان أن "حماس" لم تقم بدورها في الاتفاق، الذي تضمن إعادة جميع النساء والأطفال المحتجزين، وفقًا للقائمة التي أرسلتها إسرائيل إلى حماس ووافقت عليها.

وشهد الاتفاق وقفًا للقتال لمدة 7 أيام، مع إطلاق سراح محتجزين إسرائيليين مقابل سجناء فلسطينيين، وزيادة تدفق المساعدات إلى القطاع، والاتفاق الأصلي كان في 24 نوفمبر وتم تجديده مرتين، قبل أن ينتهي صباح الجمعة الماضي، مطلع ديسمبر الجاري.

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي، إن ترسانته الحربية سددت 200 ضربة عسكرية في مناطق متفرقة في القطاع، استهدفت بنى تحتية وأهدافًا لحماس. وتتماشى هذه الوتيرة المستعرة لعودة العمليات الانتقامية العقابية الإسرائيلية في غزة، مع وعيد بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، حين تعهد، أمس الأحد، بمواصلة الهجوم البري "بقوة متزايدة" و"حتى النهاية" على القطاع، مُعتبرًا ذلك هو السبيل الوحيد لتحقيق النصر الكامل لإسرائيل المتمثل في "القضاء على حماس" وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في غزة.

وتزعم إسرائيل أن قواتها تواصل التوغل البري في غزة مع احترام القانون الدولي، وهو ادعاء يلقى تشكيكًا من مراقبي حقوق الإنسان وغالبية زعماء العالم، إلى جانب تحفظ لم تخفه الولايات المتحدة.

ويمثل معبر رفح المصري، بوابة نجاة العالقين من حاملي الجنسيات الآخرى والمصابين، والمنفذ الوحيد لدخول المساعدات إلى القطاع، وخلال الهدنة مرت الشاجنات المحملة بآلاف الأطنان من المساعدات الغذائية والطبية وشاحنات الوقود في ظل الحصار المطبق.

واليوم الإثنين، وصل نحو 250 شخصًا من حاملي الجنسيات المزدوجة، و16 مصابًا من القطاع إلى معبر رفح، فيما تزامن ذلك مع استعداد أكثر من 50 شاحنة مساعدات بينها 7 مُحملة بالوقود، للعبور إلى غزة.

ووسط هجمات بوتيرة أعنف من السابقة قبل الهدنة، تكثف الولايات المتحدة ضغوطها على إسرائيل لبذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين، إلا أن الضغط يبدو غير مجدٍ.

وكشف جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، في تصريحات صحفية أمس الأحد، إن الإدارة الأمريكية تبذل مساعٍ وجهودًا مُكثفة لإقناع إسرائيل وحماس باستئناف المفاوضات، بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المزيد من المحتجزين والسجناء من الجانبين.

وقال "كيربي" في لقاء تلفزيوني على شبكة "إيه بي سي نيوز" الأمريكية، إن العمل "بجد" لا يزال جاريًا في هذا الأمر "ساعة بساعة"، مُضيفًا "لنرى ما إذا كان بإمكاننا إعادة الأطراف إلى الطاولة ومعرفة ما إذا كان بإمكاننا المضي قدمًا في شيء ما"، لكنه لم يجزم بأن الأمر قد ينجح.

وحول سقوط آلاف الفلسطينيين من المدنيين الأبرياء، جرّاء الغارات الإسرائيلية المكثفة، قال كيربي، إن الولايات المتحدة تجري مناقشات مع إسرائيل كل يوم حول توخي "الحذر والدقة في استهدافها".

وحول ما إذا كانت هناك "خطوط حمراء" بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بشأن استراتيجيتها العسكرية المعمول بها على الأرض حاليًا، التزام كيربي الصمت، لكنه استدرك قائلًا "لهذا السبب نواصل العمل -كما قال لويد أوستن، وزير الدفاع- مع نظرائنا الإسرائيليين، لحملهم على أن يكونوا حذرين ودقيقين ومحددين في استهدافهم قدر الإمكان".

ووفق أحدث تقرير أوردته وزارة الصحة الفلسطينية، سقط أكثر من 15 ألف شهيد فلسطيني، 40% من بينهم أطفال، إضافة إلى ما يزيد على 41 ألف فلسطيني جرحى.