مقال بقلم الدكتور/ جاب الله أبو عامود: الفصام والتوحد السياسي

الدكتور/ جاب الله أبو عامود
الدكتور/ جاب الله أبو عامود

مرض الفصام ومرض التوحد يصيبان الإنسان المعزول الذي يعيش في عالم من صنع عقله الباطن بعيدا عن الواقع.


 وبعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبح لها دور هو الأكبر في عزل الناس عن الواقع وفصلهم عن المجتمع.
ولم يقتصر ذلك الفصام والتوحد على الشخص الطبيعي فحسب، بل أصاب كيانات معنوية وبالأخص الأحزاب السياسية في مصر خاصة، فأصبح الحزب السياسي الذي نبع وتأسس من الناس لا يختلط قادته بالناس بل أصبح الآن مجرد جروبات وصفحات على النت وأصبح كل هم أعضائه هو مشاركة خبر أو كتابة تعليق، وربما زاد الأمر إثارة إن حدثت مشادة بينهم. 
فأصبحت الأحزاب تعاني من ذلك المرض الخطير وهو الفصام وأصبح أعضاء الحزب يعانون من التوحد، ولو كان هناك أي تواصل أو اتصال فعال لكانت تغيرت أولويات الأحزاب بما يتماشى مع احتياجات المواطنين ويحقق في الوقت ذاته مصلحة الحزب.
فمثلاً في أزمة السيول التي تضرب معظم محافظات الوطن -وبالأخص الساحلية منها- كان الأولى -بدلاً من توزيع كوبونات للسلع الغذائية للتحفيز على المشاركة والتصويت- أن يتم ضخ هذه الأموال لتجديد وإصلاح البنية التحتية لتستوعب كمية الأمطار الغزيرة والسيول حتى لا تغرق البيوت وتُقطع السبل ويزيد الضغط على الدولة، هذا إذا كان فعلاً هدف الأحزاب هو خدمة الدولة ومصلحة المواطن، لكن بسبب الانفصام نجد الشعب في وادٍ والأحزاب في وادٍ آخر بعيدة كل البعد عن ما يحتاجه الشعب.
فهل هناك أمل في أن تعود الأحزاب للناس والشارع بعيداً عن ذلك العالم الافتراضي؟ أم ستظل متقوقعة في تلك الشرنقة المتعفنة قافلة على أفكارها وتحركاتها مكتفية بالبونات والكراتين في موسم الانتخابات؟