السعودية تعلن تخفيف قيود نظام الكفالة على ملايين العمال الأجانب اعتبارا من مارس المقبل

في إطار الإصلاحات التي تقوم بها السعودية لتحسين نظام الكفالة المثير للجدل والذي تطالب بإلغائه بشكل كامل منظمات حقوقية، أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في المملكة الأربعاء إطلاق "مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية" لتخفيف القيود على نحو 10 ملايين عامل أجنبي اعتبارا من 14 آذار/مارس المقبل.  ويربط نظام الكفالة المعمول فيه بالمملكة الثرية منذ نحو 70 عاما العمال الأجانب، بمشغليهم السعوديين مباشرة عبر منح هؤلاء صلاحية التحكم بمسألة تجديد الإقامة وحركة الدخول والخروج وغيرها.


أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في المملكة العربية السعودية الأربعاء عزمها تخفيف القيود على ملايين العمال الأجانب على أراضيها بدءا من آذار/مارس المقبل، لتقوم بذلك بإدخال إصلاحات مهمة على نظام الكفالة الذي تطالب منظمات حقوقية بإلغائه بالكامل.

ويربط نظام الكفالة المعمول فيه بالمملكة الثرية منذ نحو 70 عاما العمال الأجانب وعددهم نحو 10 ملايين، بمشغليهم السعوديين مباشرة عبر منح هؤلاء صلاحية التحكم بمسألة تجديد الإقامة وحركة الدخول والخروج وغيرها.

وقالت الوزارة إنّها ستبدأ في 14 مارس المقبل تطبيق "مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية" بهدف تطوير ظروف التنقل الوظيفي وآليات الخروج والعودة والخروج النهائي.

وفي حال طُبّقت، فسيكون للإصلاحات تأثير كبير على سوق العمل السعودي وحياة العمال الأجانب الذين يعانون من ازدحام المساكن والاستغلال من قبل أرباب العمل.

وبحسب الوزارة، فإنّها ستسمح للعامل الوافد الانتقال لعملٍ آخر عند انتهاء عقد عمله دون الحاجة لموافقة صاحب العمل، في تحول عما هو معمول به حاليا بحسب نظام الكفالة.

كما أنّها ستتيح "خدمة الخروج والعودة للعامل الوافد بالسفر خارج المملكة وذلك عند تقديم الطلب مع إشعار صاحب العمل إلكترونيا"، من دون أن توضح ما إذا كان يتوجّب موافقة صاحب العمل على ذلك.

وسيتمكن العامل أيضا من "المغادرة بعد انتهاء العقد مباشرة مع إشعار صاحب العمل إلكترونيا دون اشتراط موافقته"، إضافة إلى "إمكانية مغادرة المملكة مع تحمل العامل جميع ما يترتب من تبعات فسخ العقد".

ولم يتطرّق بيان الوزارة إلى جريمة "الهروب"، والتي بموجبها يمكن لأصحاب العمل الإبلاغ عن اختفاء العامل، مما يعني أنه يُصبح تلقائيا بدون وثائق ويمكن اعتقاله وسجنه وترحيله.

لكن سطام الحربي وكيل الوزارة أكّد في مقابلة مع وكالة بلومبرغ المالية الأربعاء أن الإصلاحات تشمل إلغاء "الهروب" واستبدالها بنظام يحدد آليات إنهاء عقود العمل.

وقال "هذه تغييرات ضخمة"، مضيفا "نحن نهدف إلى (...) تحسين ظروف العمل وجعل سوق العمل في المملكة العربية السعودية أكثر ديناميكية وإنتاجية".

كما اعتبر عبدالله أبوثنين نائب الوزير في رسالة مسجلة على تويتر أن أحد أهداف الإصلاحات "حفظ حقوق أطراف العلاقة التعاقدية بحيث يكون عقد العمل هو المرجع الاساسي في تنظيم هذه العلاقة".        

غير أنّ الإصلاحات لا تشمل العاملات في المنازل وعددهن نحو 3,7 ملايين، حسبما أكّد الحربي.

وتطالب منظمات حقوقية بإلغاء شرط إلزام العامل الوافد بأن يكون لديه صاحب عمل كفيل لدخول البلاد، ومنع المشغلين السعوديين من إمكانية إلغاء تصاريح الإقامة في أي وقت.

والأسبوع الماضي قالت منظمة هيومن رايتش ووتش في تقرير إنه إذا أرادت السعودية إلغاء نظام الكفالة فعليها "معالجة كل عنصر من هذه العناصر".

وتابعت "بنيت ثروة السعودية واقتصادها على ظهر ملايين العمال الوافدين، وحان الوقت لتغيير جذري بمنحهم الحماية القانونية وضمانات الحقوق التي يستحقونها".

وخلال أزمة فيروس كورونا المستجد، وجد كثيرون أنفسهم عالقين في دوامة من الديون ولا يسمح لهم بالمغادرة قبل تسديدها، فيما دعا سعوديون عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى طرد العاملين الأجانب واتهموهم بنشر الوباء.

وقالت روثنا بيغوم الباحثة في هيومن رايتس ووتش لوكالة الأنباء الفرنسية إن الإصلاحات المعلنة مهمة لكنها لا ترقى إلى مستوى التفكيك الكامل لنظام الكفالة، مع استمرار قدرة أصحاب العمل على إلغاء إقامة العمال في أي وقت.

وأضافت "هذا يمكن أن يعني أن العمال ما زالوا يواجهون سوء المعاملة والاستغلال لأن أصحاب العمل يمسكون بالسلطة".

وفقا للباحثة، فإنّ استبعاد عاملات المنازل من الإصلاحات يمثل مشكلة أيضا نظرا لأن العديد منهن يجبرن على العمل لساعات مفرطة دون راحة، ويحرمن من أجورهن، ويتعرّضن للاعتداء الجسدي والجنسي.

واعتبرت أنّ على السلطات السعودية إلغاء نظام الكفالة بالكامل لضمان أن يتمكن جميع العمال الوافدين من دخول البلاد والإقامة والمغادرة دون الاعتماد على صاحب عمل أو كفيل واحد.

وإلى جانب السعودية، تقوم الجارة قطر كذلك بتعديل جوانب رئيسية في قواعد العمل الخاصة بها، بما في ذلك اشتراط حصول بعض العمّال على إذن صاحب العمل لتغيير الوظائف وتصاريح الخروج لمغادرة البلاد.

وقد أجرت الإمارة الثرية سلسلة من الإصلاحات في هذا الصدد منذ اختيارها لاستضافة كأس العالم 2022.