تسريح مئات آلاف الموظفين يصيب اقتصاد إيران في مقتل

أغلقت شركة "تامنوش" الإيرانية لتصنيع المشروبات الغازية خط إنتاجها بعد 16 عاماً من التشغيل، وسرحت عشرات العمال، حيث تواجه خسائر ضخمة بفعل العقوبات الأمريكية التي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة.
وقال فرزاد رشيدي، الرئيس التنفيذي للشركة: "أصبح جميع العاملين لدينا وعددهم 45 بدون عمل الآن. يقود الرجال سيارات أجرة، وعادت النساء لرعاية منازلهن".
وأضاف رشيدي: "خسرنا نحو خمسة مليارات ريال (120 ألف دولار بسعر الصرف الرسمي) في الأشهر القليلة الماضية، ولذا قرر مجلس إدارة الشركة وقف جميع الأنشطة طالما استمرت التقلبات في سوق العملة. من الخطأ الاستمرار في النشاط عندما نرى طريقاً مسدوداً".
مئات الشركات تعلق الإنتاج
وأظهرت عشرات المقابلات التي أجرتها وكالة "رويترز" مع مالكي الشركات في أنحاء إيران، أن مئات الشركات علقت الإنتاج وسرحت آلاف العمال، نظراً لمناخ أعمال غير مواتٍ، يرجع بشكل رئيسي إلى العقوبات الأمريكية الجديدة.
كما أبغ أصحاب شركات "رويترز" أنه أصبح من المستحيل عليهم الاستمرار في العمل نظراً للسياسات النقدية للحكومة المتضاربة في بعض الأحيان، إضافة إلى التقلبات في سوق الصرف الأجنبي، وارتفاع أسعار المواد الخام، وصعود الفائدة على القروض من المصارف.
وأصبح كثيرون منهم لا يستطيعون دفع الأجور منذ أشهر، أو اضطروا إلى تسريح عدد كبير من العمال.
وقال مدير لدى جولفاكاران أراس، وهي واحدة من كبرى شركات المنسوجات في إيران، إن الشركة تدرس وقف عملياتها، وإن مئات العاملين ربما يفقدون وظائفهم.
وأضاف المدير: "تم تسريح نحو 200 عامل في أغسطس الماضي، وتفاقم الموقف منذ ذلك الحين. هناك احتمال كبير بغلق المصنع".
وأمل أحمد روستا، الرئيس التنفيذي لتاكبلاست نور، في أن تجلب موجة جفاف في إيران دعماً لمصنعه المنشأ حديثا، الذي ينتج أنابيب بلاستيكية تُستخدم في الزراعة.
وقال: "سأنتظر شهراً أو شهرين، لكنني سأضطر إلى الإغلاق إذا بقي الوضع على ما هو عليه.. المزارعون، وهم المستهلكون الرئيسيون لمنتجاتنا، لا يستطيعون تحمل ثمنها".
كما أثرت العقوبات في قطاع صناعة السيارات في إيران، الذي شهد ازدهاراً بعد رفع العقوبات منذ عامين، ووقع عقوداً كبيرة مع شركات فرنسية وألمانية.
وقال مازيار بيجلو، عضو مجلس إدارة رابطة مصنعي أجزاء السيارات الإيرانية، في أغسطس، إن ما يزيد على 300 شركة منتجة لأجزاء السيارات اضطرت إلى تعليق الإنتاج، وهو ما يهدد عشرات الآلاف من الوظائف في القطاع.
وهبطت العملة الإيرانية إلى مستويات قياسية متدنية، وتباطأ النشاط الاقتصادي بشدة، منذ انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاقية النووية بين إيران وقوى عالمية كبيرة في مايو الماضي.
وفرض ترامب عقوبات على شراء الدولارات الأمريكية وتجارة الذهب وصناعة السيارات في أغسطس الماضي. وتضرر قطاعا النفط والمصارف الحيويان في إيران في نوفمبر الجاري.
وعانت إيران بالفعل من اضطرابات هذا العام، في ظل اندلاع اشتباكات بين محتجين شباب، مستائين من البطالة وارتفاع الأسعار، وقوات الأمن. ويتوقع مسؤولون احتمال وقوع اضطرابات مجدداً، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية بفعل العقوبات.
وقبل أربعة أيام من قيام البرلمان بإقصائه في أغسطس الماضي لفشله في فعل ما يكفي لحماية سوق الوظائف من العقوبات، قال وزير العمل الإيراني علي ربيعي إن البلاد ستفقد مليون وظيفة بحلول نهاية العام، كنتيجة مباشرة للإجراءات الأمريكية. ووصل معدل البطالة بالفعل إلى 12.1%، مع عجز ثلاثة ملايين إيراني عن إيجاد عمل.
وحذر تقرير برلماني في سبتمبر الماضي من أن ارتفاع معدل البطالة ربما يهدد استقرار إيران.
وقال التقرير: "إذا كنا نعتقد أن الوضع الاقتصادي في البلاد هو المحرك الرئيسي للاحتجاجات الأخيرة، وأن معدلي: التضخم عند 10% والبطالة عند 12% أطلقا الاحتجاجات، لا نستطيع تخيل مدى شدة ردود الأفعال الناجمة عن ارتفاع حاد في معدلي التضخم والبطالة".
وأضاف: "إذا ظل النمو الاقتصادي في إيران دون 5% في السنوات المقبلة، فإن معدل البطالة ربما يصل إلى 26%".
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش اقتصاد إيران 1.5% هذا العام، و3.6% في 2019؛ نظراً لتضاؤل إيرادات النفط.
وتقول واشنطن إن الضغوط الاقتصادية على طهران موجهة ضد الحكومة ووكلائها في المنطقة، وليست ضد الشعب الإيراني. لكن الشباب الإيرانيين، الذين يعانون من البطالة، هم الخاسر الأكبر.