"جوجل بلاي" و"آب ستور".. مليارات خلف شاشة هاتفك الذكي
لم يعد من المبالغة أن نطلق على متجري "جوجل بلاي" و "آب ستور" لتطبيقات الهواتف الذكية لقب دولة؛ فما يحقّقه المتجران من عائدات مالية وأرباح سنوية تسبق اقتصادات دول ذات سيادة وتملك موارد هائلة.
وفي العام الماضي وحده، حقّقت تطبيقات الهواتف الذكية إيرادات بـ86 مليار دولار، وهو ضعف ما جنته بالعام 2015، وهذا الرقم يوازي حجم اقتصادات دول كإثيوبيا وأوكرانيا، ويزيد عن ناتج دول مثل سلطنة عمان ولوكسمبورغ.
ومنذ العام 2011، تتواصل أرباح التطبيقات بالارتفاع بشكل متزامن مع التطور الهائل الذي تشهده الهواتف الذكية، فبعد أن بلغ حجم سوق التطبيقات، قبل 7 سنوات، نحو 6.7 مليارات دولار أمريكي، من المتوقع أن يبلغ حجمه مع نهاية العام الجاري نحو 110 مليارات دولار، أي بنسبة ارتفاع تزيد عن 16 ضعفاً.
- تطور متسارع وأرباح بالمليارات
الأرقام الأخيرة رصدتها مؤسسة "App Annie" للأبحاث والتحليلات الرقمية في دراسة نشرت نتائجها مؤخراً، حيث ذكرت الدراسة أن قطاع تطبيقات الهواتف الذكية يتمتع بقوة كبيرة وأرباحه تتضاعف بشكل متسارع بما يتماشى مع التطور التكنولوجي الهائل.
وبحسب الدراسة فإن مستخدمي الهواتف الذكية بالعالم أجروا خلال العام 2017 نحو 175 مليار عملية تحميل للتطبيقات، بنسبة نمو زادت عن 60% قياساً بعمليات التحميل التي تمت في سنة 2015.
ويتوقع لعام 2018 أن يسجل 223 مليار تحميل، بدفع هائل من مستخدمي الدول الناشئة التي تنتشر فيها أكثر فأكثر الهواتف الذكية الرخيصة كما يزداد فيها انتشار الإنترنت.
ووفق "App Annie" فإن مستخدمي التطبيقات المحملة على الهواتف الذكية زادوا مدة الاستخدام بشكل كبير، حتى وصل المتوسط إلى 45 يوماً في السنة.
- الصينيون الأكثر إنفاقاً
وقضى الصينيون، كما تقول الدراسة، في تحميل واستخدام التطبيقات على هواتفهم نحو 200 مليار ساعة، في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2017، وذلك أعلى بـ150 مليار ساعة قياساً بما قضاها الهنود في الفترة نفسها.
وعلى صعيد توزيع الأسواق؛ تأتي الصين في المرتبة الأولى من حيث استخدام تطبيقات الهواتف الذكية، وليس في ذلك مفاجأة بالنظر إلى عدد السكان الهائل في بلاد التنين الأحمر.
وأتت الهند في المرتبة الثانية، بعدما تجاوزت الولايات المتحدة، التي حلّت بالمرتبة الثالثة في هذا المجال مع نهاية العام الماضي.
وتبعت الولايات المتحدة الأمريكية إندونيسيا، ومن ثم كوريا الجنوبية بالمرتبة الخامسة، ما يثبت هيمنة آسيا على قطاع تطبيقات الهواتف الذكية.
وحول توزيع الأرباح على متاجر التطبيقات، فقد أنفق المستهلكون في 2017 نحو 38.5 مليار دولار في متجر "آب ستور" التابع لشركة "آبل"، وهذا الرقم يمثّل قرابة ضعف ما أُنفق بمتجر "جوجل بلاي"، الذي قُدر بـ20.1 مليار دولار، وذلك وفق دراسة أجرتها شركة "Tower Sensor" للأبحاث الرقمية.
ويرجع تفوق "آب ستور" على منافسه "جوجل بلاي" إلى أن الأخير غير متوفر في الصين، الدولة الأكثر استهلاكاً لتطبيقات الهواتف الذكية.
- منافسة
ولكن بالنظر إلى عدد عمليات تثبيت التطبيقات فقد حقق متجر "جوجل بلاي" نمواً بنسبة 16.7% مقارنة بـ6.7% حققها متجر شركة "آبل"، بمعدل استخدام أعلى لنظام "آندرويد" بالبلدان النامية.
ولا تعد نفقات المستخدمين على شراء التطبيقات إيجابية في مجملها؛ فبحسب دراسة أجرتها شركة "سنسورتاور" المختصة في تحليل تطبيقات الهواتف الذكية، فإن عمليات الإنفاق على شراء تطبيقات الألعاب سجّلت ارتفاعاً بنسبة 14.9%، خلال الربع الثالث من عام 2018 على أساس سنوي، لتصل إلى 13.8 مليار دولار.
واستحوذ متجر "آبل ستور" على نحو 62% من إيرادات الألعاب بنحو 8.5 مليار دولار، في حين مثلّت إيرادات "جوجل بلاي" نحو 5.3 مليارات دولار بنسبة 38% من إجمالي الأموال التي أُنفقت على تحميل تطبيقات ألعاب الهواتف الذكية في كلا المتجرين، خلال الربع الثالث من العام الحالي.
وكشفت دراسة "سنسورتاور" أن مجموع عمليات تحميل تطبيقات الألعاب بلغت، بالربع الأخير من العام الحالي، 9.5 مليار عملية على منصتي "آبل ستور" و"جوجل بلاي"، بنسبة نمو بلغت 2.2% مقارنة بذات الفترة من العام الماضي.
- مستقبل واعد
ومن المثير للاهتمام عند دراسة سوق تطبيقات الهواتف الذكية وتطورها معرفة أن ما يزيد عن 54% من مستخدمي الهواتف المحمولة في العالم لديهم هاتف ذكي، وهو ما كشفته دراسة أجرتها شركة "E Marketer" المختصة بالأبحاث السوقية، ونشرت نتائجها في يناير الماضي.
ووفقاً لأحدث الأرقام من شركة "Statista" الألمانية لأبحاث السوق، فإن عدد مستخدمي الهواتف المحمولة في العالم سيصل إلى 4.9 مليارات، في نهاية العام 2018، وهذا يعني أن عدد من لديهم هاتف ذكي في العالم يبلغ 2.6 مليار شخص.
وهذه الأرقام تشير إلى أن سوق تطبيقات الهواتف الذكية سيشهد مزيداً من الاتساع خلال السنوات المقبلة ليصبح واحداً من أعمدة الاقتصاد العالمي.
- ستنافس أسواق النفط
وفي قراءته لواقع سوق تطبيقات الهواتف الذكية ومستقبله، قال ريتشي روك، وهو محرر في موقع أمريكي مختص بمتابعة أخبار التكنولوجيا: إن "تطبيقات الهواتف الذكية تكتسب أهمية عالمية؛ نظراً لأنها توفّر الخدمات التي يطلبها المستخدم، وتحقق رغباته في الترفيه والتعليم، وهي بالأساس جزء رئيسي من الهواتف المحمولة".
وأضاف روك: "تؤدي الزيادة المستمرة في مستخدمي الهواتف المحمولة، ونمو قاعدة المشتركين، وتوسع وانتشار شبكة الإنترنت، خاصة في البلدان النامية، إلى زيادة نمو سوق تطبيقات الهاتف المحمول".
ورأى أن أكثر ما يقيّد تطور سوق تطبيقات الهواتف الذكية هو الهجمات والتهديدات السيبرانية؛ نظراً لأن اتصال الإنترنت الواسع الانتشار يعرّض أحياناً معلومات المستخدم أثناء تثبيت التطبيقات واستخدامها للخطر.
وحول توقعه لمستقبل سوق التطبيقات الذكية، أوضح روك أنه "من المؤكد أن السوق ستنمو بشكل كبير خلال السنوات القليلة القادمة؛ بسبب عدة عوامل، منها انخفاض تكلفة خدمة الإنترنت وأسعار الهواتف الذكية، وتحسين تصميمات الهواتف ووظائفها، وتنوع التطبيقات، وزيادة الحاجة لدى المستخدمين للبقاء على الاتصال بالشبكة".
ويعتقد المختص بأخبار التكنولوجيا أن تزايد المنافسة بين شركات الهواتف الذكية وتطوير ميزات هذه الهواتف وتطبيقاتها وخفض أسعارها، سيؤدي حتماً إلى نمو سوق تطبيقات الهواتف الذكية بشكل قياسي خلال فترة قصيرة.
وأشار إلى أن أبرز التطبيقات التي سيتم استخدامها وستشهد إقبالاً كثيفاً مستقبلاً هي المرتبطة بخدمات الموسيقى والترفيه والألعاب والسفر والملاحة والتسوق الفوري والاتصالات والرسائل النصية.
ووفق روك، فإن سوق تطبيقات الهواتف الذكية ستصبح خلال سنوات قليلة لاعباً رئيسياً بالاقتصاد العالمي، لا تختلف عن النفط والذهب، وستتحول إلى إمبراطورية تدرّ أموالاً هائلة على من يسيطر عليها.