التوقف عن استخدام البيانات لتوجيه سلوك المستهلكين

خاص سياسي - أحمد علي
تقول "تامي إيناف" " Tammy Einav" الرئيسة التنفيذية لوكالة Adam & Eve/DDB"" الإعلانية، إنه "يمكن للبيانات والرسائل الغارقة في الخصوصية أن تحل محل سحر اللقاءات العشوائية".
وتقول إنها مرت بتجربة غريبة خلال عطلة نهاية الأسبوع. حيث دخلت إلى مكتبة وخرجت برواية تتحدث عن أكبر عازف تشيلو في أوروبا الشرقية.
وتشير إلى أن لا شيء في سلوكها سابقا يشير إلى أن لديها أي نوع من الاهتمام حول موضوع الكتاب. بل إنه يختلف تماما عن نمط ونوع الكتب التي تشتريها أو اشترتها سابقا.
ورغم ذلك عندما قرأت الكتاب وجدته رائعا. ووسع من آفاقها، وجعلها تشعر بشئ مختلف، كما جعلها تحب المكان الذي اشترت منه الكتاب.
ولأنها معتادة على الحصول على مقترحات لما يمكن أن تحبه أو ترغب به، وعندما تخلت عن هذه البيانات للمرة الأولى عند شراءها هذا الكتاب، أدركت أن مثل هذه المشتريات العشوائية، من المرجح أن تختفي من حياتنا اليومية.
حيث يعتبر الآن شراء المنتجات في الواقع المادي ظاهرة قديمة بالمقارنة مع الشراء عبر الإنترنت، ولكن حتى هذا الأمر في القريب سيصبح قديما بعد الانتقال للشراء عبر الهواتف النقالة.
لقد أصبح الإنسان الآن يعرف بواسطة البيانات. فهو ما أحب، وما اشترى، وما شارك به سابقا.
والعلامات التجارية أصبحت تدفع بالمحتوى أمام المستخدمين بناء على ما قاموا بشراءه أو فعلوه في الماضي. فالمتاجر الإلكترونية الآن أصبحت تحتفظ بقائمة المشتريات السابقة فلا يحتاج المستخدم لقضاء ساعات في الانتقاء واتخاذ القرار مرة أخرى، ومواقع الأغاني تعرض أمام المستخدمين كل أعمال الشخصية التي بحثوا عنها مؤخرا دون الحاجة للبحث مرة أخرى.
وهذه الأمور لا تبسط فقط من حياة المستخدمين اليومية، بل من فرط خصوصيتها تجعل المستخدمين يعتقدون أن العلامات التجارية المفضلة لديهم تفهمهم حقا وتفكر فيهم كأفراد معلومين، وليس مجرد مستهلكين مجهولين.
ولكن لابد من الأخذ في الاعتبار أنه عند نقطة محددة تبدأ هذه الاقتراحات في خفض التجارب الجديدة، مع توجيه المستخدم للالتزام بأنماط محددة سلفا.
لقد بنيت العلاقات في عصر الآلي على أساس القدرة على التنبؤ بدلا من المفاجأة. ولكن هنا تكمن الخطورة، لأن أفضل العلاقات هي حتما تلك التي تسمح بلحظات من الإثارة والإلهام والمفاجأة.
لهذا فالمزيد من الاقتراحات والترشيحات تجعل تجربة المستهلك أكثر ارتباطية وكفاءة، إلا أنها تقلل من فرص تجربة الفرحة والإثارة عند اكتشاف أو تجريب شيء جديد.
وتركيز العلامات التجارية الآن على تزويد المستخدمين بمحتوى شخصي مرتبط بهم يجعلهم أقل شجاعة نحو تجريب الأشياء الجديدة وهو سلوك مقلق، فالعلامات التجارية تحتاج الآن وأكثر من أي وقت مضى، للعثور على لحظات مفاجئة وعشوائية حقيقية بحيث يكون تأثيرها أكثر أهمية من مجرد السلوك الآلي.
والإعلان، في مفهومه العام يعني إلهام وإقناع الناس لمحاولة تجريب أشياء جديدة بدءا من المنتجات الصغيرة لتجارب تغير في أنماط الحياة بأكملها.
والغرض من صناعة الإعلان هو مساعدة الناس على كسر رتابة عاداتهم وبيعهم مفاهيم جديدة للتغيير. ولكن من خلال التعمق في هذه الثقافة الغارقة في الخصوصية، أصبحت صناعة الإعلان عرضة لخطر التخلي عن سحر الإبداع والتجديد الذي يغذي أفضل الحملات الدعائية.