"الجارديان": الحصار منح قطر مزيداً من الثقة لتحقيق رؤيتها

"الجارديان": الحصار منح قطر مزيداً من الثقة لتحقيق رؤيتها
"الجارديان": الحصار منح قطر مزيداً من الثقة لتحقيق رؤيتها

سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية الضوء على تداعيات حصار قطر بعد مرور نحو عام على فرضه عليها، مؤكدة في تقرير لموفدها إلى الدوحة، تيم أدمز، أن الحصار منح قطر مزيداً من الثقة لمواصلة بناء نموذجها الثقافي والسياسي بتحدٍّ وإصرار وجرأة.


وتعصف بالخليج أزمة بدأت في 5 يونيو الماضي؛ إثر قطع كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع الدوحة، بدعوى "دعمها للإرهاب"، وهو ما تنفيه قطر بشدة.

ويرى الكاتب أن الإجراءات التي اتخذتها دول الحصار؛ من إغلاق المنافذ الجوية والبرية والبحرية، يراد من ورائها إخضاع السياسة القطرية وتوجيهها بحسب ما تريده تلك الدول.

في وسط هذه الإجراءات والأجواء التي خلفها الحصار، نمت داخل نفوس الشعب القطري، الذي يقدَّر بـ300 ألف مواطن، حالة حب لشخص أميرهم الشاب، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي باتت صوره تُرى في كل مكان، وتغطي نوافذ السيارات والأبراج الزجاجية وسط الدوحة.

ليس ذلك فحسب، يقول الكاتب، وإنما كان الحصار عاملاً محفزاً لتحقيق رؤية قطر على المدى الطويل، ففي هذا البلد الصغير صاحب الموارد الطبيعية والغاز، لم يكن هناك حاجة كبيرة لدفع عجلة الاختراعات والتصنيع، ولكن كان هدف الأمير هو استغلال هذا الوضع لخلق اقتصاد معرفي متنوع خارج احتياطات الغاز، ويدوم.

تقول الشيخة هند، الشقيقة الصغرى للأمير الشيخ تميم بن حمد: إن "المال وحافز مشاريع مونديال كأس العالم 2022، لا يحل سوى جزء صغير من هذه التطلعات".

وتابعت، في مقابلة خاصة مع الغارديان: "ليس سراً أننا مجتمع غني، وربما لا يحتاج أحد حتى إلى العمل، ولكن معرفة أن بإمكانك المساهمة في تطوير بلدك ودفعه للبروز أكثر، أمر يشعر الجميع بالفخر، والحصار ساعد على ذلك، نحن نرى فرصة كبيرة اليوم لتحقيق الاكتفاء الذاتي".

طموحات قطر الحديثة تعود إلى والدَي الشيخة هند، فقد طور والدها الشيخ حمد آل ثاني، الأمير السابق، حقل الغاز المشترك مع إيران، في حين أقامت والدتها، الشيخة موزا، مؤسسة قطر، وأنفقت عليها مليارات الدولارات، بهدف تنمية التعليم، وخاصة تعليم النساء، وكانت الشيخة هند (34 عاماً)، وهي أم لخمسة أطفال، من أولى المستفيدات من هذه المؤسسة، وشغلت على مدى سنوات ثلاث منصب الرئيس التنفيذي للمؤسسة.

يقول موفد الغارديان إلى الدوحة، من شرفة مكتب الشيخة هند يمكن أن ترى الحرم الجامعي للمدينة التعليمية "مؤسسة قطر"، وهي تضم عشرات الجامعات، فهنا جامعة جورجتاون وتكساس إيه أند إم، وغيرها العديد.

أحدث الإضافات التي ضمتها مؤسسة قطر، هي مكتبة قطر الوطنية، المذهلة، على حد وصف الكاتب، والتي صممها المهندس المعماري الهولندي، ريم كولهاس، وهي مبنى ضخم ترتفع فيه رفوف الكتب حول منطقة مركزية تضم مسرحاً مفتوحاً ومقهى، تشبه إلى حد كبير شرفات سفوح التلال.

نحو 51% من القطريين حصلوا على عضوية المكتبة، بينهم عدد كبير من الأطفال، وخلال الأشهر التي تلت افتتاح المكتبة، تم استعارة نحو 150 ألف كتاب على الأقل.

تضم المكتبة مجموعة كبيرة من المخطوطات النادرة المتعلقة بالعالم العربي، وتم جمعها بذات الطريقة التي جمعت فيها الآثار التي حواها متحف الفن الإسلامي، من خلال إنفاق مليارات الدولارات لشراء هذه النفائس.

ويتابع مراسل الغارديان: "لقد أدركت الأسرة الحاكمة في قطر أهمية الإنفاق على هذه العناوين الثقافية والمعمارية الكبيرة، فقد تم شراء معالم عالمية مثل مبنى إمباير ستيت، ومحال هاردوز وشارك، بالإضافة إلى شراء اللوحات الفنية، ونادٍ مثل باريس سانت جيرمان، ولاعب مثل نيمار، لقد أدركوا مبكراً أن من يسيطر على قضايا الفن والثقافة والرياضة والإعلام، يمكنه أن يمارس السلطة بشكل عام".

ويضيف: "قبل 22 عاماً أنشأ الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قناة الجزيرة الفضائية، وهي التي غيرت قواعد الإعلام في العالم العربي، لذا كان مطلب إغلاق القناة أحد المطالب الثلاثة عشر التي تقدمت بها دول الحصار، وخاصة بعد تغطية القناة لثورات الربيع العربي عام 2011، والتي دعمت فيها القناة مطالب الشعوب العربية الثائرة، مما أغضب السعودية".

تقول الشيخة هند: "تخيل دولة أخرى تقول لبريطانيا أغلقوا هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)! سوف تصاب بصدمة، إنها تقدم نموذجاً قوياً بفضل الأثر التحريري الذي حققته هيئة هذه الإذاعة، أعتقد أنه عندما تتحدث عن المكان الذي نريد أن تكون منطقتنا فيه، فإن الجزيرة جزء مهم من ذلك".

وتضيف الشيخة هند: "ربما لا يشعر الكثير من الناس بالرضا عن الأشياء التي خرجت من الظلام، ولكن إذا كنت ترغب في بناء مجتمع مدني، والسماح للناس بالتفكير في أنفسهم، ولكي يكونوا أكثر أهمية؛ فيجب أن تُظهر كل قصة".

في مؤسسة قطر هناك سقف من الحرية في تدريس المواد، دون أي إملاء أو فرض من قبل السلطات، بحسب ما يقول إيفريت إي دينيسن، العميد في كلية نورث ويسترن بمؤسسة قطر، "لم يكن هناك أي تدخل فيما نعمله أو ندرسه، نناقش كل شيء بحرية، المكاسب المنتظمة بدأت تحظى بتقدير في قطر، الكلية أنشات أول نظام للاعتماد الصحفي، لقد نجح طلاب الكلية في دفع الحكومة لإنشاء مكتب الاتصال الحكومي يعمل بشكل صحيح".

ويتابع العميد دينيس، إن روح التحقيق النقدي دفعت السلطات في الدوحة إلى معالجة المخاوف الدولية بسبب سوء معاملة العمالة الوافدة، لقد استجابت قطر لهذه المطالب التي تتعلق بالحد الأدنى للأجور، وأيضاً نظام الرعاية الصحية الأولية، الحصار عجل في زيادة الشفافية حول هذه الأمور.