ولي العهد السعودي يرغب في إعادة هيكلة بلاده؟ هل هذا ممكنًا؟

يركز الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي جهوده حاليًا على تغيير المجتمع السعودي بشكل جذري. فهو أعلن صراحة أن بلاده غريبة عن المألوف. تاريخيًا، عمل عدد من الزعماء على تغيير مجتمعات بلادهم منهم من نجح ومنهم من فشل فشلًا زريعا وأدى فشلهم هذا إلى عواقب وخيمة. مثل أتاتورك في تركيا وشاه إيران في عصر قبل الثورة وعدد من الإصلاحيين.


وأهم مظاهر هذا الإصلاح الذي يحدث حاليا في السعودية هي المبادرة المسماة "رؤية 2030" الذي ساهمت شركة ماكنزي في تصميمها. فتهدف تلك المبادرة إلى جعل دولة السعودية أكثر انفتاحا لتهيئتها لعصر ما بعد البترول.

وتشمل تلك الإصلاحات التركيز على تعزيز القطاع الخاص  والحد من البيروقراطية وتضييق النطاق على المؤسسة الدينية الوهابية. فقد تعهد بن سلمان باستعادة الدين الإسلامي الوسطي. ويقابل هذا التغيير تشجيعًا من المجتمع الدولي حتى أن "توماس فريدمان" قد وصف هذا الإصلاح الاجتماعي "بالربيع العربي السعودي."

ولكن إعادة هيكلة الدول ليس بالأمر الهين والنتائج ليست مضمونة. فكما نجح أتاتورك في إعادة هيكلة تركيا لتواكب الغرب في غيران فشل الشاه في خططه وأدى فشله إلى إثاره رد فعل عنيف انتهى بالثورة الإسلامية. إلا ان نموذج السعودية ليس بالجديد فقد تبنت الإمارات العربية المتحدة نفس المبادرة سابقا والأمر الملف بخصوص الإمارات هو أن الحكام هناك أدركوا ان لإحداث ثورة اجتماعية في البلاد يجب الاستثمار في الشعب نفسه الذي يجب أن يتغير ليواكب هذا التغيير.

ونموذج الإمارات مناسب جدًا لتأمله في حالة السعودية وذلك بسبب الشبه الكبير بين التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلدان. فكلاهما بلد تعتمد على البترول وكلا الشعبين يتميز بالثقافة المتحفظة والحاجة الشديدة لتوفير الوظائف للشباب. ولكن حكام الإمارات أدركوا أن البلاد تحتاج لإصلاح حقيقي قبل نفاذ البترول وهذا الإصلاح لا يمكن أن يتحقق إلا بتغيير ثقافة الشعب نفسه.

 ففي عام 2010 أطلقوا مبادرة "رؤية 2021" وهي المبادرة التي دعت لنشر المعرفة والثقافة والابتكار. وظهرت ملامح تلك المبادرة في العديد من الأمثلة فمثلا بناء مدينة مصدر التي تهدف أن تكون أول عاصمة في العالم تعمل بالطاقة النظيفة وتشمل تطويرا للبحث العلمي والابتكار والتعليم. وبالمثل يعمل بن سلمان على بناء مدينة نيوم بنفس الفكر.

 كما أنشأ مركزا جديدا للوسطية ويهدف إلى بناء مدينة كبيرة ومتاحف وجامعات مما يشبه جزيرة ساديات الإماراتية التي تحتوي على متحف زايد القومي الجديد وفروعا لمتحف اللوفر وغيرها من المتاحف العالمية.

وتكمن المعضلة في أن شعوبا مثل السعودية المعروفة بثقافتها المتحفظة تحتاج إلى تغيير تلك الثقافة لتواكب تلك الإصلاحات الجذرية. وقد أدرك الحكام في الإمارات ذلك وعملوا على تغيير عقلية الشعب بتغيير نظام التعليم بأكمله.

 وتبنوا منهجا تعليميا يركز على الطالب وركز على إثقال طلاب بمهارات الإبداع وحل المشاكل وركزا اهتماماتهم على نشر العلوم والتكنولوجيا والعلوم التجارية والتكنولوجية بدلا من التركيز على العلوم الدينية.

كما شجعوا الفكر المتسامح والتطوعي وقبول الغير. وامتلأ جدول المدرسة بنشاطات عديدة تدعم هذا الفكر مثل مهرجان المفكرين ومسابقات المواهب وغيرها.

لذا فعلى الأمير السعودي تطبيق نفس المنهج في السعودية وتغيير الشعب نفسه.