مائة عام مرت على وعد بلفور والشرق الأوسط لا يزال يعاني من تبعاته

يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي نظيره البريطاني للاحتفال بمرور 100 عام على إعلان بلفور، الخطاب ذو 67 كلمة الذي أصدره وزير الخارجية البريطاني للتعبير عن دعم حكومته لبناء وطن لليهود في فلسطين.


في الثاني من نوفمبر 1917 كتب اللورد أرثر بلفور خطابا للبارون والتر روثتشايلد قائد الجناح البريطاني للعائلية المصرفية الأوروبية ذات النفوذ القوي حينها، عبر فيه عن رغبة بريطانيا في بناء وطن لليهود ووعد بتسهيل الإجراءات اللازمة لذلك ثم استغرق الأمر ثلاثة عقود أخرى من النزاعات وإراقة الدماء لإعلان استقلال إسرائيل في 1948.

والاحتفال بإعلان بلوفر سببه أنها كانت المرة الأولى التي يتم فيها الإعلان عن حق الدولة الإسرائيلية الحديثة في الوجود. ولنفس السبب يعتبر الفلسطينيون هذا الخطاب بمثابة السبب الأول لسبلهم أراضيهم. في عام 1917 كان اليهود يمثلون حوالي 10% من المجتمع الفلسطيني وبعد مرور قرنًا من الزمان أصبحوا يمثلون الأغلبية العظمي بينما يعيش ملايين من الفلسطينيين في المنفى أو مخيمات للاجئين. وحاليًا يتم التجهيز للقيام بمظاهرات تندد هذه الذكرى الحزينة للفلسطينيين جميعًا.

ويعتبر العديد من الإسرائيليين أن ذكرى بلفور تستحق الاحتفال وخاصة على الأراضي البريطانية لأن الفضل في قيام دولة إسرائيل يرجع بشكل كبير إلى جهود الصهاينة الذين كانوا يعيشون في بريطانيا حينها وخاصة تشام ويزمان الكيميائي الذي تعود أصوله إلى روسيا، فقد اقنع بلفور وحكومته لبناء مستعمر لليهود في فلسطين بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية.

ومن الناحية الأخرى فإن تلك المناسبة تثير بعض التحفظات في بريطانيا وخاصة رئيس الوزراء الذي من المتوقع ان يجري مناقشات مع نيتانياهو بشأن صفقة الأسلحة النووية مع إيران. ويزداد التوتر حيث أن أهم معارضي رئيس الوزراء البريطاني يعتبر داعمًا للقضية الفلسطينية وعبر عن اعتراضه على حضور عشاء الثلاثاء الخاص بالاحتفال بإعلان بلفور. كما وضح استبيان أخير أن 17% فقط من البريطانيين يدعمون إسرائيل.

وجدير بالذكر ان القضية الفلسطينية تثير غضب الكثير من الأوروبيين بسبب سياسة حكومة الجناح الأيمن لنيتانياهو لتوسيع المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية والسيطرة العسكرية المجحفة على القطاعات الفلسطينية.

ويشير النقاد إلى سطر معين في خطاب بلفور ينص على "لن يحدث شيء قد يضر الحقوق المدنية والدينية للمجتمعات غير اليهودية في فلسطين" وهو شرط يبدوا أنه لم يتحقق منذ وقتها.

وقد كتب الرئيس الفلسطيني في عمود بالجارديان "إن إعلان بلفور ليس شيء يدعو للاحتفال فهو سبب معاناة وظلم الفلسطينيين. فبناء وطن لليهود أدى إلى سلب الوطن من الفلسطينيين مما سبب خللًا كبيرًا في المنطقة المقسمة بين المغتصب والمغصوب ويجب علاج هذا الخلل فالبريطانيون يتحملون مسؤولية كبيرة بهذا الشأن. يجب أن يتوقف الاحتفال لحين أن يحصل جميع الأطراف في هذا النزاع على الحرية والكرامة والمساواة."

وعلق الجانب الإسرائيلي قائلًا إن رفض الفلسطينيين لقبول إعلان بلفور يعتبر رفض لوجود دولة إسرائيل بأكملها.

وهناك أسباب تاريخية وراء هذا الإعلان فقبل إعلان بلفور بأيام قليلة صرح بلفور خلال اجتماع لرئاسة الوزراء أن الحصول على ود اليهود سوف يعمل على تقوية موقف بريطانيا في روسيا وأمريكا لأن اليهود حينها كانوا يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع في الدولتين  التي كانتا من شانهما دعم بريطانيا للفوز في الحرب العالمية الأولى. فبعد إعلان القرار حرصت بريطانيا على نشر الخبر في المجتمعات اليهودية التي كانت موجودة في ألمانيا والنمسا.

وكان إعلان بلفور هو فقط خطوة ضمن سلسلة من المحاولات الدبلوماسية لإعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط الجديد. ففي عام 1916 كانت بريطانيا قد وافقت بالفعل سرًا مع فرنسا وروسيا لتقسيم ممتلكات الإمبراطورية العثمانية واتفقوا على جعل فلسطين تحت سيطرة دولية تشملهم جميعًا.

وبعد عام واحد عملت الثورة البلشفية على تغيير هذه الخطط مما جعل بريطانيا ترغب في إقامة عازل بين المناطق التي تسيطر عليها فرنسا في الشرق وبين مستعمراتها في مصر وبهذا أصبحت فلسطين تحت سيطرة بريطانيا.

وعلق اللورد رودريك بلفور حفيد المهندس بلفور صاحب الإعلان أنه يرى أن الإعلان تسبب في العديد من المشاكل والظلم والقهر للفلسطينيين.