مقال بقلم د/ ياسر حسان: ما هو المبلغ الذي تحتاجه لتكون ضمن أغنى 1٪ في بلدك؟

ما هو المبلغ الذي تحتاجه لتكون ضمن أغنى 1 في بلدك
ما هو المبلغ الذي تحتاجه لتكون ضمن أغنى 1 في بلدك

 
 

إذا كنت متشوقاً، فأنت متشوق لمعرفة الحد الأدنى لتكون ضمن قائمة أغنى 1٪ في بلدك.


يقوم تقرير الثروة السنوي الجديد الصادر عن نايت فرانك Knight Frank 2021 Wealth Report  بذلك ويحدد سنوياً الأرقام اللازمة لذلك في معظم دول العالم. تمتلك موناكو المركز الأول -حيث يقيم السكان الأكثر كثافة من فاحشي الثراء- أعلى عتبة تصل إلى 1٪: 7.9 مليون دولار.

ثم تأتي سويسرا ولديها ثاني أعلى عتبة للثروة، حيث يحتاج الشخص إلى 5.1 مليون دولار للانضمام إلى أغنى 1٪، ومقارنة ببقية العالم تمتلك الولايات المتحدة ثالث أعلى عتبة ثروة لاقتحام 1% حيث يحتاج الفرد في الولايات المتحدة إلى ثروة صافية قدرها 4.4 مليون دولار ليكون من بين أغنى 1٪ في العالم، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة لديها أكبر عدد ممن يسميهم نايت فرانك الأفراد أصحاب الثروات الفائقة أو ما يعرف بـ UHNWI، وينضم لعضوية هذا النادي الشخص الذي تتجاوز ثروته الصافية 30 مليون دولار.

وشملت القائمة دولاً أخرى مثل سنغافورة بثروة تبلغ 2.9 مليون دولار، مما يجعلها أعلى عتبة في آسيا قبل هونج كونج، التي تتطلب ثروة صافية قدرها 2.8 مليون دولار. وفي أمريكا اللاتينية جاءت الأرجنتين كأعلى عتبة للدخول ضمن أغنى 1٪ بثروة تبلغ 360 ألف دولار.

البلدان الأسيوية التي لديها أدنى حد للثروة للوصول إلى 1٪ تشمل إندونيسيا حيث يحتاج الشخص 60 ألف دولار، وفي أفريقيا.. تمتلك جنوب أفريقيا أعلى عتبة للثروة مقارنة بأي دولة أخرى في القارة عند ثروة تقدر بـ 180 ألف دولار. وكينيا حيث يلزم ثروة صافية قدرها 20  ألف دولار لدخول القائمة.

وفي مصر تحتاج إلى ثروة تبلغ 30 ألف دولار أمريكي لتكون ضمن قائمة الـ 1٪ الأغنى، وسيرتفع هذا الرقم إلى 38 ألف دولار في عام 2025، ورغم أن التقرير يقول إن حوالي 90٪ من الخبراء يرون أن هناك فرصًا استثمارية بعد جائحة فيروس كورونا، وأن العالم يدخل دورة اقتصادية جديدة وآفاق تكوين الثروة والنمو هائلة. ويتوقع التقرير أن حد الـ 1٪ للهند سيتضاعف تقريبًا في غضون السنوات الخمسة المقبلة، ويزيد بنحو 70٪ في الصين والبالغ حالياً ثروة تقدر بـ 850 ألف دولار، إلا أنه لدى جيمي ديمون -الرئيس التنفيذي لشركة جي بي مورجنيري- وجهة نظر أخرى حيث قال: "إن الولايات المتحدة -وينطبق هذا على معظم دول العالم النامي- تواجه 7 عقبات رئيسية أمام النمو الاقتصادي، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية وعدم المساواة في الدخل، وأن إصلاح مشاكل أمريكا سوف يتطلب عملاً شاقًا".

وأكد ديمون -الذي يدير أكبر بنك في الولايات المتحدة من حيث الأصول- إنه يجب على الحكومة والشركات الأمريكية على وجه التحديد العمل على تحسين القضايا التي تتعلق بأمور مثل عدم المساواة في الدخل والفرص الاقتصادية، وفجوات التعليم والرعاية الصحية للجميع، وتحسين البنية التحتية والإسكان الميسور التكلفة، وزيادة التأهب للكوارث لضمان النمو الاقتصادي. وأكد ديمون على أن الافتقار إلى الرعاية الصحية والتعليم الميسورين والميسرين أدى إلى عدم تأهيل 70٪ من الشباب للخدمة العسكرية بسبب ضعف مهارات القراءة والسمنة.

وتابع أن قوة الجيش تساعد في إبقاء الدولار الأمريكي هو الأقوى في العالم. رغم أن النفقات الطبية ستدفع البلاد إلى مزيد من الديون على مدى العقدين المقبلين، ما لم ينمُ الاقتصاد بوتيرة أسرع، والملاحظ إن الاقتصاد الأمريكي نما بنسبة 18٪ فقط خلال السنوات العشر الماضية، مقارنة بنسبة 40٪ في العقد الذي أعقب الانكماش الاقتصادي في عامي1982 و 1990. نما الناتج المحلي الإجمالي الامريكي بمعدل أبطأ في عهد الرئيسين باراك أوباما ودونالد ترامب مقارنة بالرؤساء الآخرين السابقين، على الرغم من انتعاش الوظائف ودخل الأسرة بعد ركود عام 2008.

وفشل ترامب في الوفاء بوعده بزيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي إلى 3٪، ولو كان هناك المزيد من النمو لكانت الأجور أعلى وكان بمقدور الولايات المتحدة تقديم شبكات أمان وضمان اجتماعي أفضل.

وفي العقد الماضي عانى الأمريكيون أيضًا من ركود ويرجع ذلك جزئيًا إلى انخفاض قوة النقابات العمالية والحد الأدنى للأجور الذي ظل ثابتًا عند 7.25 دولارًا لأكثر من عقد. وازداد عدم المساواة في الدخل سوءًا خلال الوباء حيث حقق المليارديرات تضخماً في ثرواتهم تقدر بـ 3.9 تريليون دولار مع بقاء معدل البطالة عند 6٪، والملاحظ أن عدم المساواة في الدخل في الولايات المتحدة أعلى من بقية العالم، وهو أحد أكبر التحديات التي تواجه أمريكا حالياً وكثير من الدول النامية وعلى الأخص في الدول الأكثر فقراً. يعلق الكثيرون آمالاً على أن مشروع قانون البنية التحتية الجديد للرئيس "جو بايدن" سوف يؤدي إلى ازدهار اقتصادي، خاصة إذا التزم بتعهده بالإنصاف العرقي والمقدر له ميزانية تبلغ 30 مليار دولار للمساعدة في جعل الإسكان في متناول السود واللاتينيين.

وفي مصر لا تختلف الأمور، حيث يعكس ارتفاع قيمة الثروة في عام 2025 اللازمة للدخول ضمن قائمة الـ 1٪ الأغنى في البلد بنسبة 27%، إلى أن الفجوة في الدخل بين قائمة الأثرياء والفقراء سوف تزداد. ويؤكد ذلك أن رغم زيادة عتبة الدخول ضمن قائمة الـ 1٪ لتصل إلى 38 ألف دولار خلال ثلاثة أعوام فقط فإن عدد ما يسميهم نايت فرانك الأفراد أصحاب الثروات الفائقة أو ما يعرف بـ UHNWI  والتي تتجاوز صافي ثروتهم الـ 30 مليون دولار سوف ترتفع في مصر بنسبة 22%  خلال ثلاثة أعوام فقط.

العدالة الاجتماعية وتوفير الحد الأدنى لمتطلبات الحياة للمواطن البسيط أصبحت مشكلة تؤرق الحكومات في الدول الغنية والفقيرة على حدًا سواء، وباتت مشكلة وجودية للعلاقة بين الشعوب والحكومات في السنوات القليلة القادمة.